29 - 06 - 2024

رؤية خاصة | ماذا يجمع اسرائيل والخليج؟

رؤية خاصة | ماذا يجمع اسرائيل والخليج؟

(أرشيف المشهد)

  • 28-7-2015 | 23:45

ستظل شظايا الاتفاق القنبلة بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وإيران تتناثر في كل اتجاه لفترة طويلة قادمة. وحيثما حلت تلك الشظايا ستترك اثارها الدامية وعلاماتها على مجريات السياسة إقليمياً ودولياً.

ثمة إجماع على انه منذ عهد بعيد لم يحدث اتفاق سياسي أصداءً كتلك التي أحدثها الاتفاق الغربي الإيراني. وبقدر ما تعثرت الخطوات المفضية للاتفاق لسنوات عديدة وتعاقبت جولات التفاوض شاقة وعسيرة  حتى ساد اعتقاد بأنها محض مناورات يخوضها الطرفان شراءً للوقت  وكسباً لأرض اكثر صلابة بقدر ما جاءت أنباء النجاح في التوصل لصيغة مرضية للطرفين مذهلة لكل من كان بعيداً عن طاولة المفاوضات. 

ببنود ترفع عن طهران حصاراً اقتصادياً مشدداً قارب العقدين وتحجم برنامجها النووي للحدود السلمية، بما يطمئن الغرب إلى تبدد احتمالات بزوغ قوة عسكرية نووية في منطقة الشرق الأوسط تنافس القوة النووية الوحيدة في المنطقة،  خرج أعداء الأمس القريب جداً يتبادلون الابتسامات وينثرون الوعود بحقبة يسودها السلام وتتبدد من سمواتها سحب الحروب،  فيما كانت سحب الغضب والقلق تتجمع في عواصم مختلفة؛ 

لا يشك عاقل ان اسرائيل كانت الطرف الغائب الحاضر في هذا الاتفاق.. ليس من باب العلم المسبق به فحسب بل من حيث اطلاعها على صياغة بنوده ورسم ملامحه ووضع حدوده التي تضمن لتل ابيب ما تعتبره أمنها وأمانها. ومع ذلك فقد كانت اسرائيل أول الصارخين و أعلاهم صوتاً وأعنفهم لهجة في التنديد بالاتفاق ورفضه جملة وتفصيلا. وفي حين انطلقت اول بعثات الطمانة الدبلوماسية من واشنطن إلى اسرائيل - وكأن ايران هي التهديد الأكبر لها حقاً - لم يوفر بنيامين نتنياهو المناسبة وما تلاها من مناسبات ليصب حمم  الغضب والرفض للاتفاق الذي وصفه بالخطأ التاريخي.

السؤال هو هل تستسلم اسرائيل لهذا الخطأ مكتفية برسائل الطمانة الامريكية أم تنفذ واحدة من عملياتها وتدخلاتها لإفساد الاتفاق او إبطال آثاره؟

في الرياض لم يختلف الوضع كثيراً، ولعلها المرة الاولى التي  تلتقي مواقف دول عربية مع موقف إسرائيل. وإذا كانت اسرائيل تبني موقفها على رفض وجود قوة نووية مناوئة في المنطقة فإن المملكة العربية السعودية ومعها أصوات خليجية أقل حدة، يقوم موقفها على مخاوف حقيقية من تبدل  السياسة الأميركية حيالها وحيال الخليج ككل. بدأت بوادر هذا التغيير أبكر كثيراً من توقيت اعلان الاتفاق وتفاقمت مع الدعم الخليجي القوي لمتغيرات الأوضاع في مصر. ومع ذلك تذرع الخليج بالهدوء وضبط النفس على أمل استعادة العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن لبريقها. ففي كل الأحوال كانت هذه العلاقات الدرع الواقي من تهديدات ايران وحائط الصد الذي أوقف الكثير من الطموح الإيراني على الضفة الأخرى من الخليج. هذه المرة  لم تلتزم الرياض بالصمت بل أعلنت بوضوح استياءها من اتفاق يبدو أنه يعد طهران بأكبر من مجرد رفع الحصار الاقتصادي  ويسمح لها بحرية حركة اكبر كقوة إقليمية كبرى.

مرة اخرى أوفدت واشنطن من يطمئن عواصم الخليج الرئيسية ويؤكد على عمق العلاقات الى اخر  التعبيرات الدبلوماسية المصكوكة. ولكن هل تكفي هذه التعبيرات امام أفعال جذرية على الأرض؟ 

نسمع من الخليج أصواتاً تحذر وتدعو الى تبني بدائل وكروت قوة لا تمر عبر واشنطن. فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية؟ وان وجدت فما هي البدائل امام الخليج؟

هل تصب مبادرة الملك سلمان باستقبال خالد مشعل احد قيادي حركة حماس المعروف بقربه من ايران في خانة البحث عن بدائل؟ وماذا يكون البديل في هذه الحالة؟ التقارب مع ايران عبر قناة حماس؟ ام ان ثمة بديلاً اكبر مثل اللجوء إلى روسيا؟ لنتذكر هنا  أن   روسيا كانت أحد مهندسي الاتفاق مع ايران حتى  إن  الرئيس الامريكي وجه الشكر إلى نظيره الروسي على دوره في إنجاح المفاوضات ( رغم الغيوم الكثيفة التي تتراكم على العلاقات بينهما منذ أزمة أوكرانيا).

ستكشف الأيام عن التوجه الخليجي القادم. ويفترض أن يتكشف معه الموقف المصري أيضاً الذي اتسم بدرجة من التوازن حيال الاتفاق بين تحليلات براجماتية من نوعية استفادة الاقتصاد المصري من انخفاض أسعار النفط مع عودة النفط الإيراني المحظور الى الأسواق، وبين تصريحات رسمية غير مباشرة تجدد التأكيد على اقتران الأمن القومي المصري بأمن الخليج. 

و في هذه الحالة هل نشهد مزيداً من التقارب المصري الخليجي استراتيجياً وهل تكتسب خطوة القوة العربية المشتركة دوافع جديدة وزخماً اكبر؟ 

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان